ومن الحب ما قتل
لم تكن هذه أول مرة يحذرونه منها فهى غريمته اللعوب التى طالما تدللت عليه فأحبها رغم قسوتها؛لم يكن يتصور العيش بدونها منذ عرفها أول مرة منذ أمده البعيد ؛ كانت بجواره فى سيارته الفارهة في ثوبها الأبيض الشفاف ؛ يرمقها بين آونة وأخرى بنظرة من عينين شاحبتين تهدلت رموشهما وأطلت عليهما الحواجب ؛ يبثها ما فى نفسه من حنين ؛يمنى نفسه ؛تمتد يده إليها فيعاجله السعال لترتد يده كاتمة سعاله ونهجاته التى لا تنقطع.وعند فيلاه ينزل من السيارة وهى فى يده ؛يجتاز الحديقة يصعد درجات السلم ؛ يجتاز دهاليز القصر وردهاته ؛فى خفة وحذر يرقى للطابق العلوى ولا تزال الفريسة في يده يتخطى أعناق القابعين على الحائط فى براويزهم الفضية ؛ يعمد لغرفة فى نهاية الردهة ؛يستلقى على السرير ؛صراعات وحرب فى رأسه:هل يسلمها نفسه ويتفانى فيها فتسلب آخر نبضات عروقه ويدع الموت يعانقه لحظة تلمس شفتيه ؛أم يحمل على نفسه سيفه ويلقيها مع أيام عمره الغابرة فى سلة تاريخه المريض. ؟هل يموت فيها وبها أم يحي بغيرها؟! وقبل أن يتردد يسارع فيلتقطها ؛يذوب حينما تلمس شفتيه؛ يأخذ نفساً فترسل جذوتها فى هذا الجسد المتهالك ؛يأخذ نفساً عميقاً ثم يخرجها دخانا فى الهواء ؛يرفع عينيه الشاحبتين ليقرأ عليها عبارة:"التدخين ضار جداً بالصحة" فيخرج ضحكة متهدجة ويأخذ نفساً آخر .
أسامة بهادر